تعلم الطفل للغة أجنبية ثانية : استنتاجات مهمة

تعلم الطفل للغة أجنبية ثانية

هل تعلم الطفل للغة أجنبية ثانية في سن مبكر أمر جيد؟

تعلم الطفل للغة أجنبية ثانية يثير مخاوف كثيرة عند الآباء، خاصة في ما يخص أثر ذلك على عقل الطفل. حيث يبدو للآباء، من الوهلة الأولى، أن الطفل يرتبك ويخطئ في التنقل بين اللغتين،وهو ما يسمى بالخلط الكودي، مما حدا بالبعض إلى تفسير ذلك بأن تعدد اللغات يرهق ذهن الطفل.

ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن تعلم اللغة الثانية  لا يرهق عقل الطفل، ولكن عقله يستغرق وقتا أطول في تعلم الفصل بين اللغتين، ولكن بالمقابل، هذا التعلم يزيد من مهارة المخ ويفيده كما أسلفنا في مزايا التعدد اللغوي. فما كان ينظر له سابقا على أنه معوق للطفل ومرهق لعقله، ثبت لاحقا أنه مجرد عرض ظاهري لتدريب المخ وزيادة مرونته ونشاطه وقدرته على التركيز.

لكن بحسب موقع Big Think الأمريكي، فقد خلص العلماء الباحثون إلى أن تعليم الأطفال لغة ثانية في سن مبكر ليس مهما فقط لأجل  اكتساب لغة جديدة تضاف إلى رصيده اللغوي وتضمن له القدرة على اكتساب علوم وتعلم مناهج لا تتوفر بلغته الأم، بل ينمي ذلك أيضاً مهارات الطفل الإدراكية والمعرفية بحسب دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة واشنطن.

محاذير شائعة ومخاوف مشروعة بخصوص تعلم الطفل للغة أجنبية ثانية

بقى أن نلقي الضوء على بعض الممارسات الخاطئة والمخاوف المشروعة التي تظهر على السطح عند التعامل مع قضية تعلم اللغة الثانية وخاصة بالنسبة للأطفال. فمن أكثر تلك الممارسات الخاطئة شيوعا هي الإفراط في استخدام اللغة الثانية، بحيث تتحول من لغة يدرسها إلى لغة يتعلم بها كل العلوم والمواد الدراسية كما تفعل غالبية مدارس اللغات في الوطن العربي.

فقد أشارت الأبحاث إلى أن تعلم العلوم المنطقية والطبيعية (كالرياضيات والفيزياء وغيرها) بلغة غير اللغة الأم للطالب تجعل الفهم أقل تعمقًا مما لو تعلمها بلغته الأم. حيث أكدت الأبحاث على أن التعليم الفعال يحدث داخل عقل الطفل بالضرورة من خلال لغته الأم، فهي التي يترجم إليها المفاهيم ليستوعبها ويهضمها. ولهذا نجد أن السبيل الأمثل في التعليم هو فصل تعلم اللغة عن تعلم المفاهيم العلمية الأخرى أو المواد الدراسية المختلفة.

كذلك من الممارسات الخاطئة الملاحظة في تعلم اللغة الثانية للأطفال هي الاعتماد على المصادر الإلكترونية بشكل مكثف أو كامل في تعليم اللغة الثانية. ففي دراسة أجريت بجامعة كولورادو، قام الباحثون بمقارنة نتائج التعلم من شخص حي بنتائج التعلم من مشاهدة المقاطع التعليمية أو التعامل مع برامج اللغة التفاعلية. وقد خلص البحث إلى نتيجة مفادها أن الأطفال الذين تعلموا من شخص حي أمامهم قد حققوا نسبة أعلى في التحصيل والتقاط الكلمات والتراكيب الجديدة، ولا فارق يذكر بين كون التعليم المباشر تفاعلي أكثر ويحفز عند الطفل حواسه ويثير انتباهه إلى جميع ……

يمكننا أن نخلص إلى أن خير ما يهديه الأبوان لطفلهما في طفولته، هو أن يتعلم لغة ثانية أو ثالثة، وأن هذا ليس ضربا من المحال، ما دامت هناك إرادة ومثابرة. ولكن ينبغي عليهما أيضا عدم الإفراط في تقديم اللغة الثانية من خلال تدريس المواد الأخرى بها، أو من خلال ترك الطفل بالساعات أمام البرامج اللغوية. فباتباع الممارسات الصحيحة في تعلم اللغة نضمن لأطفالنا صحة عقلية دون أن نؤثر على تطورهم في باقي المجالات والعلوم.

أترك جوابا

بريدك الإلكتروني سيبقى سرا عندنا